ا سس جهاد النبي عليه الصلاة والسلام في القرا ن الكريم ا ن الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغف ره ونعوذ باالله من شرور ا نفسنا ومن سيي ات ا عمالنا من يهده االله فلا م ضل له ومن ي ضل ل فلا هادي له وا شهد ا ن لا ا له ا لا االله وحده لا شريك له وا شهد ا ن محمد ا عبده ورسوله صلوات االله وسلامه عليه وعلى ا له وصحبه. ا ما بعد: فسنتحد ث عن بعض الا سس التي قام عليها الجهاد النبوي من خلال التا مل في ا يات القرا ن الكريم والا سس كالتالي: - 1 التوكل على االله. - 2 التحريض على القتال. - 3 الا عداد. -4 الغ لظة في جهاد الكفار والمنافقين. - 5 القتال من غير ت عد. فلنق ف عند هذه الا سس ون بي ن حقيقتها ولنتا ملها لتكون منهج ا لنا في حياتنا الجهادية. فنقول: يسعى القرا ن الكريم في هذه الا يات ا لى الترغيب في الجهاد با يقاظ مشاعر المسلمين نحو التطل ع ا لى ما هو خير لهم وا بقى عند االله - عز وجل - ويدفعهم ا لى ع لو الهم ة فيه وذلك ببيع الحياة الدنيا وشراء الا خرة وي ع دهم على ذلك ا حدى الح س نيين: النصر ا و الشهادة. يقول تعالى: ف ل ي ق ات ل ف ي س ب يل الل ه ال ذ ين ي ش ر ون ال ح ي اة الد ن ي ا ب ا لا خ ر ة و م ن ي ق ات ل ف ي س ب يل الل ه ف ي ق ت ل ا و ي غ ل ب ف س و ف ن ؤ ت يه ا ج ر ا ع ظ يم ا * و م ا ل ك م لا ت ق ات ل ون ف ي س ب يل الل ه و ال م س ت ض ع ف ين م ن الر ج ال و الن س اء و ال و ل د ان ال ذ ين ي ق ول ون ر ب ن ا ا خ ر ج ن ا م ن ه ذ ه ال ق ر ي ة الظ ال م ا ه ل ه ا و اج ع ل ل ن ا م ن ل د ن ك و ل ي ا و اج ع ل ل ن ا م ن ل د ن ك ن ص ير ا * ال ذ ين ا م ن وا ي ق ات ل ون ف ي س ب يل الل ه و ال ذ ين ك ف ر وا ي ق ات ل ون ف ي س ب يل الط اغ وت ف ق ات ل وا ا و ل ي اء الش ي ط ان ا ن ك ي د الش ي ط ان ك ان ض ع يف ا [النساء: 76]. 74 يستجيش القرا ن الكريم النفوس في استفهام ا نكاري فيه حث وا غراء على الجهاد لا نقاذ ا خوة لهم في الدين ضعفاء ي لق ون الذل والتعذيب على ا يدي ا عداي هم و م ا ل ك م لا ت ق ات ل ون ف ي س ب يل الل ه و ال م س ت ض ع ف ين م ن الر ج ال و الن س اء و ال و ل د ا ن [النساء: 75] وينق ل لنا القرا ن دعاء الضعفاء وت ضر عهم ا لى االله ا ن ي م ن عليهم بالنصر والتا ييد. ومن بين المغريات التي نرى القرا ن اعتم د عليها لترغيب المؤمنين في الجهاد: ا ثارة بواعث الرغبة في نفوسهم من خلال عق د صفقة رابحة مع االله فالمجاهد يبيع نفسه وي ضح ي بالحياة الدنيا م قاب ل ما ا عد االله لهم في الا خرة من النعيم والر ضوان في الجنة. ا و ا ثارة النخوة والشهامة لا نقاذ طاي فة ضعيفة من المؤمنين ت لقى الضيم والذل والا ذى الشديد على ا يدي قرية ظالم ا هل ها فهؤلاء الضعفاء ا جدر الناس لا ن ي ه ب من لديهم ن خوة لا نقاذهم من ا يدي ظالميهم[ 1 ]. والخطاب في هذه الا يات الكريمات للمؤمنين ترغيب لهم في الجهاد وحث عليه وفيه تعريض بالمنافقين الذين يثب طون المؤمنين عن الجهاد في سبيل االله والفاء في قوله ف ل ي ق ات ل تكون للتعقيب ا ي: ينبغي بعدما صد ر منهم من النفاق تر كه وت دار ك ما فات من صفحة 7 / 1
الجهاد بعد وا ن كان بمعنى (يبيعون ( فالخطاب للمؤمنين الذين تركوا الدنيا واختاروا الا خرة ا م روا بالثبات على القتال وعدم الالتفات ا لى تثبيط المنافقين والفاء جواب شرط مقد ر ا ي: ا ن ا بطا هؤلاء عن القتال فلي قاتل المخل صون الباذلون ا نفسهم في طل ب الا خرة[ 2 ]. يقول الرازي: "وهذا يدل على ا ن المجاهد لا بد وا ن ي وط ن نفسه على ا نه لا بد من ا حد ا مرين ا ما ا ن يقت له العدو وا ما ا ن ي غل ب العدو وي قه ره فا نه ا ذا عز م على ذلك لم ي ف ر من الخ صم ولم ي حج م عن الم حار بة فا ما ا ذا دخ ل لا على هذا العزم فما ا سرع ما يقع في الف رار فهذا معنى ما ذكره االله تعالى من التقسيم في قوله: ف ي ق ت ل ا و ي غ ل ب [النساء: 74] [3]. وفي ا ية ا خرى تتجل ى فيها مشقة الجهاد وش د ته على المسلمين حيث ا خبر االله ا نه مكروه للنفوس لما فيه من التعب والمشقة وحصول ا نواع المخاوف والتعرض للمتال ف يقول تعالى: ك ت ب ع ل ي ك م ال ق ت ال و ه و ك ر ه ل ك م و ع س ى ا ن ت ك ر ه وا ش ي ي ا و ه و خ ي ر ل ك م و ع س ى ا ن ت ح ب وا ش ي ي ا و ه و ش ر ل ك م و الل ه ي ع ل م و ا ن ت م لا ت ع ل م ون [البقرة: 216]. فالا سلام يحسب حساب الفطرة فلا ي نك ر مشق ة هذه الفريضة ولا ي هو ن من ا مرها ولا ي نك ر على النفس البشرية ا حساسها الفطري بكراهيتها وث ق لها. فالا سلام لا ي ماري في الفطرة ولا ي صاد مها ولا ي حر م عليها المشاعر الفطري ة التي ليس ا لى ا نكارها من سبيل ولكنه ي عال ج الا مر من جانب ا خر وي سل ط عليه نور ا جديد ا ا نه ي قر ر ا ن من الفراي ض ما هو شاق مرير كريه الم ذاق ولكن وراءه حكمة تهو ن مشقته وت سيغ مرارته وت حق ق به خير ا مخبوء ا قد لا يراه النظر الا نساني القصير هكذا يواج ه الا سلام الفطرة لا منك ر ا عليها ما يطوف من المشاعر الطبيعية ولا مريد ا لها على الا مر الصعب بمجرد التكليف ولكن مرب ي ا لها على الطاعة وم فس ح ا لها في الرجاء لتبذ ل الذي هو ا دنى في سبيل الذي هو خير ولترتفع على ذاتها متطو عة لا م جب رة ولت ح س بالعطف الا لهي الذي يعرف مواضع ض ع فها ويعترف بمشقة ما ك ت ب عليها وي عذ رها وي قد رها[ 4 ]. ويقول ابن عاشور مبي ن ا مشق ة الجهاد وحاجته ا لى العزم لكي يدفع المسلم عن نفسه ودينه المذل ة والهوان: "فالقتال كريه للنفوس لا نه ي حول بين المقات ل وبين طما نينته ولذاته ونومه وطعامه وا هله وبيته ويلجي الا نسان ا لى عداوة من كان صاحبه وي عر ضه لخطر الهلاك ا و ا لم الجراح ولكن فيه دف ع المذل ة الحاصلة من غلبة الرجال واستضعافهم وفي الحديث: ((لا ت من وا لقاء العدو فا ذا لق يت موه فاصب روا)) [5] وهو ا شارة ا لى ا ن القتال من الضرورات التي لا يحبها الناس ا لا ا ذا كان تر كها ي فضي ا لى ضرر عظيم [6]. ا ن الجهاد في سبيل االله ا مر يحتاج ا لى هم ة عالية وعزم قوي وذلك لا نه شاق على النفس وا ن النبي - صلى االله عليه وسلم - كان ا على الناس هم ة في الجهاد والم ضي فيه والا عداد له وما ذلك ا لا ا علاء لكلمة االله - عز وجل - واستجابة لا مره تعالى قال تعالى: ف ا ذ ا ع ز م ت ف ت و ك ل ع ل ى الل ه [ا ل عمران: 159] وذلك بعد مشاورة ا صحابه يقول الطبري: "والمعنى: ا ذا تبي ن لك الا مر وعز مت على جهاد عدوك فامض على ما ا مرت به على خلاف م ن خال ف ك ومواف ق ة م ن واف ق ك"[ 7 ]. وا ن معركة ا حد لت بي ن قوة عزمه - صلى االله عليه وسلم - وع لو همته في المضي ا لى القتال لما جمعت قريش جموعها لقتال المسلمين استشار - صلى االله عليه وسلم - صحابته - رضي االله عنهم - فقال لهم: ((لو ا نا ا قمنا بالمدينة فا ن دخلوا علينا فيها قاتلناهم)) فقالوا: يا رسول االله واالله ما د خ ل علينا فيها في الجاهلية فكيف ي دخ ل علينا فيها في الا سلام قال عفان في حديثه: فقال: "شا نكم ا ذ ا فلب س لا م ت ه قال: فقالت الا نصار: رددنا على رسول االله - صلى االله عليه وسلم - را يه فجاؤوا فقالوا: يا نبي االله شا نك ا ذ ا فقال: ا نه ليس لنبي ا ذا لب س لا م ت ه ا ن يضعها حتى ي قات ل))[ 8 ]. وي بي ن عزمه - صلى االله عليه وسلم - في جهاد الا عداء من خلال تحريض ا صحابه على الجهاد: ي ا ا ي ه ا الن ب ي ح ر ض ال م ؤ م ن ين ع ل ى ال ق ت ال [الا نفال: 65] والتحريض: الم بال غة في الحث على الا مر [9] حث هم وا نه ض هم ا ليه بكل ما ي قو ي عزاي مهم وي نش ط هم م هم من الترغيب في الجهاد ومقارعة الا عداء والترهيب من ضد ذلك. ولا شك ا ن م ن ي ح ض المؤمنين هو ا قواهم عزم ا وا علاهم همة في تنفيذ هذا الا مر ويظهر ذلك في قوله تعالى: ف ق ات ل ف ي س ب يل الل ه لا ت ك ل ف ا لا ن ف س ك و ح ر ض ال م ؤ م ن ين [النساء: 84] يقول الرازي: "دل ت الا ية على ا ن االله تعالى ا مره بالجهاد ولو وحده" [10]. فلو ت ثب ط الا صحاب عن القتال فا نه لا يضر ك مخالفت هم وت قاعد هم فتقد م ا نت ا لى الجهاد وما كان للنبي - صلى االله عليه وسلم - ا ن صفحة 7 / 2
يتباطا عن ا مر ربه وهذا من تمام عز مه وقوة همته فهو القاي ل: ((فوالذي نفسي بيده لا قاتلن هم على ا مري هذا حتى ت نفر د سالفتي ولي نف ذن االله ا مر ه))[ 11 ]. قال تعالى: ف ق ات ل ف ي س ب يل الل ه لا ت ك ل ف ا لا ن ف س ك و ح ر ض ال م ؤ م ن ين ع س ى الل ه ا ن ي ك ف ب ا س ال ذ ين ك ف ر وا و الل ه ا ش د ب ا س ا و ا ش د ت ن ك ي لا [النساء: 84] ا ي: بتحريضك ا ياهم على القتال ت نب عث همم هم على مناجزة الا عداء ومدافعتهم عن حوزة الا سلام وا هله ومقاومتهم ومصابرتهم واالله قادر على الكافرين في الدنيا والا خرة"[ 12 ]. فالنبي الكريم - صلى االله عليه وسلم - ي ح ث المؤمنين ويستنه ضهم ا ليه بكل ما ي قو ي عزاي مهم وي نش ط هممهم من الترغيب في الجهاد ومقارعة الا عداء والترهيب من ضد ذلك وذكر فضاي ل الشجاعة والصبر وما يترت ب على ذلك من خير في الدنيا والا خرة وذ كر مضار الجبن وا نه من الا خلاق الرذيلة المنق صة للدين والمروءة[ 13 ]. وا عظم الا مور التي ي جد ر بنا الا شارة ا ليها هنا مسا لة الا عداد[ 14 ] لا ن الا عداد الجيد دليل على العزم على الجهاد فالا عداد الجيد ا حد ا هم الركاي ز التي يعتمد عليها الجهاد لذلك ا ذا ا ع د الجندي ا عداد ا جيد ا من جميع الجوانب المطلوبة وكذلك الجيش فا نه لن ي هز م با ذن االله تعالى. وقد فر ض رب العزة في الذكر الحكيم الا عداد فقال: و ا ع د وا ل ه م م ا اس ت ط ع ت م م ن ق و ة و م ن ر ب اط ال خ ي ل ت ر ه ب ون ب ه ع د و الل ه و ع د و ك م و ا خ ر ين م ن د ون ه م لا ت ع ل م ون ه م الل ه ي ع ل م ه م و م ا ت ن ف ق وا م ن ش ي ء ف ي س ب يل الل ه ي و ف ا ل ي ك م و ا ن ت م لا ت ظ ل م ون [الا نفال: 60]. قال ابن عاشور في تفسير هذه الا ية: "والا عداد: التهيي ة والا حضار ودخل في م ا اس ت ط ع ت م كل ما يدخل تحت قدرة الناس اتخاذه من الع د ة" [15]. ولذلك يعتبر الا عداد ضرورة من الضروريات للجهاد فلا بد ا ن نجعل هم تنا فيه فهو كالوضوء بالنسبة للصلاة فكما ا نه لا صلاة بلا وضوء كذلك لا جهاد بلا ا عداد وطول الا عداد ا و التركيز على الا عداد علامة من علامات العزم على استمرار الجهاد يقول االله - عز وجل -: و ل و ا ر اد وا ال خ ر وج لا ع د وا ل ه ع د ة [التوبة: 46]. فذم هم على تر ك الاستعداد قبل لقاء العدو ا ذ ا: العدة علامة التصميم والعزم على الجهاد فالا عداد: القوة والا عداد: الرمي والا عداد: تربية الخيول والا عداد: الا عداد الر وحي والفكري لا نك عندما تتعل م القرا ن الكريم فا نت ت ع د نفسك لا فادة المسلمين وعندما ت ع د ر وحك بالقيام والصيام فا نت تعد نفسك للاستمرار الطويل على هذا الدرب المرير لا ن الجهاد صعب وثقيل ما را يت ا صعب ولا ا ثقل من الجهاد. وقد كان الصحابة يتغنون بالقوة والا عداد ويتسابقون في م يدان العزة والجهاد وقد كان لعروة البارقي - رضي االله عنه - سبعون فرس ا م ع د ة للجهاد وي عت بر حديث: ((ا لا ا ن القوة الرمي))[ 16 ] من دلاي ل النبوة ومعجزاتها فا ن معظم الحروب الحديثة قاي مة على الرماية من الرصاصة ا لى القذيفة ا لى الصاروخ كلها رماية بينما كانت الحروب قديم ا وفي عهده - صلى االله عليه وسلم - تعتمد بث ق لها على السيوف والر ماح والخيل وا ما استعمال السهام فكان دون ذلك[ 17 ]. قال تعالى: ي ا ا ي ه ا الن ب ي ج اه د ال ك ف ار و ال م ن اف ق ين و اغ ل ظ ع ل ي ه م [التوبة: 73] وفي تفسير هذه الا ية كلام جميل للمفس رين منه ما ذكره ابن جرير ا ن في الا ية ثلاثة ا قوال: الا ول: عن ابن مسعود - رضي االله عنه - قال: "ي جاه دهم بيده فا ن لم يستطع فبلسانه فا ن لم يستطع فبقلبه فا ن لم يستطع فلي ك ف ه ر في وجهه". الثاني: الثالث: عن الحسن وقتادة: ا ن المراد جهاد الكفار بالسيف وجهاد المنافقين با قامة حدود االله عليهم. عن ابن عباس يقول: جاه د الكفار بالسيف واغل ظ على المنافقين بالكلام. ثم اختار ابن جرير قول ابن مسعود حيث يقول: "وا ولى الا قوال في تا ويل ذلك عندي بالصواب ما قال ابن مسعود من ا ن االله ا مر نبيه صفحة 7 / 3
صلى االله عليه وسلم من جهاد المنافقين بنحو الذي ا مره به من جهاد المشركين"[ 18 ]. ويقول سيد قطب في تفسير هذه الا ية: "لقد كان رسول االله - صلى االله عليه وسلم - لاي ن المنافقين كثير ا وا غض عنهم كثير ا وص ف ح فها هو ذا يبل غ الح لم غايته وتبلغ السماحة ا جل ها ويا مره ربه ا ن يبدا معهم خ طة جديدة وي لح قهم بالكافرين في النص وي كل فه جهاد هؤلاء وهؤلاء جهاد ا عنيف ا غليظ ا لا رحمة فيه ولا هوادة ا ن للين مواض عه وللشدة مواضعها فا ذا انتهى ا مد اللين فلتكن الشدة وا ذا انقضى عهد المصابرة فليكن الحسم القاطع وللحركة مقتضياتها وللمنهج مراحله واللين في بعض الا حيان قد يؤذي والم طاولة قد ت ضر "[ 19 ]. فكل هذا يؤك د لنا ع لو هم ة النبي - صلى االله عليه وسلم - وكيف لجا ا لى الشدة والقوة في معاملة المنافقين ا ذا دعت الحاجة ا ليها لا ن الضمير في قوله تعالى: و اغ ل ظ ع ل ي ه م [التوبة: 73] يعود على الفريقين: الكفار والمنافقين ومعناه: جاه د هم بكل ما تستطيع مجاهدت هم به بما تقتضيه الحال واشد د عليهم في هذه المجاهدة[ 20 ]. لقد كانت همة النبي - صلى االله عليه وسلم - في ا داء هذه الفريضة ا داء ا صحاب اله م م العالية والشجاعة الا قدام والثبات على المبدا واحتقار الموت في سبيل العقيدة فه م ته قد بلغت الذ روة في هذا الا مر فكان المجاهد الا عظم في التاريخ حار ب يوم بدر ويوم ا حد ويوم الخندق ويوم حنين وفي كثير من المواقع التي ي عاني فيها من القلة من المؤمنين ومن ض ع ف الشوكة كان يقف - صلى االله عليه وسلم - في مواجهة الفتن والحوادث الج سام با يمان راسخ وهم ة عالية لي كاف ح ا عداء الملة والدين بصبر ومصابرة وهمة وعزمة صادقة. فعلينا ا ن نقتدي با عظم صاحب همة عالية رسولنا - صلى االله عليه وسلم - وخاصة ونحن في هذه الا يام نعيش في وقت ا ظه ر الكفار والمنافقون حق د هم وبغ ض هم للا سلام فلن جاه د كما ا مرنا القرا ن الكريم حتى تكون كلمة االله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى. ومما ي ظهر لنا علو همة النبي - صلى االله عليه وسلم - وعزمه الصادق في جهاد الا عداء التحريض على الا مر بالقتال فقال تعالى: ي ا ا ي ه ا الن ب ي ج اه د ال ك ف ار و ال م ن اف ق ين و اغ ل ظ ع ل ي ه م [التوبة: 73]. يقول السعدي في تفسير هذه الا ية: "ا ي: ح ث هم وا نه ض هم ا ليه بكل ما ي قو ي عزاي مهم وي نش ط همم هم من الترغيب في الجهاد ومقار عة الا عداء والترهيب من ضد ذلك وذ ك ر فضاي ل الشجاعة والصبر وما يترت ب على ذلك من خير في الدنيا والا خرة وذ ك ر مضار الجبن وا نه من الا خلاق الرذيلة المنق صة للدين والمروءة وا ن الشجاعة بالمؤمنين ا ولى من غيرهم"[ 21 ]. وقال تعالى: و ق ات ل وا ف ي س ب يل الل ه ال ذ ين ي ق ات ل ون ك م و لا ت ع ت د وا ا ن الل ه لا ي ح ب ال م ع ت د ين [البقرة: 190]. وهذه الا ية - كما ذك ر ابن كثير - هي ا ول ا ية نزلت في القتال بالمدينة فلما نزلت كان رسول االله - صلى االله عليه وسلم - ي قات ل م ن قات ل ه وي ك ف عمن كف عنه حتى نزلت سورة براءة وفي هذه الا ية تهييج وا غراء بالا عداء الذين هدفهم قتال الا سلام وا هله ا ي كما ي قات لونكم ا نتم وذلك كما قال تعالى: و ق ات ل وا ف ي س ب يل الل ه ال ذ ين ي ق ات ل ون ك م و لا ت ع ت د وا ا ن الل ه لا ي ح ب ال م ع ت د ي ن [البقرة: 190 ] ا ي: لتكون هم تكم م نب ع ثة على ق تالهم كما هي همتهم منبع ثة على قتالكم وا خراجهم من بلادهم التي ا خرجوكم منها ق صاص ا"[ 22 ]. وفي الا ية تصريح من االله - عز وجل - بعدم الاعتداء بل صر ح بعدم حب ه للمعتدين. وا خير ا: عند ا حياء الجهاد من الا م ة المسلمة فا ن ا فرادها يكونون قد بل غوا غاية السعادة في الدنيا وكذلك في الا خرة ا ما في الدنيا فبما ي ناله المجاهدون عند السلامة ومن وراءهم من النصر والعز والثراء والا من والرفاهية وا ما عند الممات فيبل غون غاية السعادة كذلك من الدرجات والا مر العظيم والخ صال الفريدة التي لم يكتبها االله ا لا للمجاهدين في سبيله الذين ق ت لوا وهم ي ناف حون عن دينه وي علون كلمته وهذا الحال من السعادة العظمى هو ما تكف ل به االله - سبحانه وتعالى - لمن جاه د في سبيله. تلكم هي الا ثار والنتاي ج التمكيني ة التي رت بها االله على حصول الج هاد والقيام به في كتابه الكريم وقد تكف ل - سبحانه وتعالى - جملة صفحة 7 / 4
بتحق ق النصر من عنده والفتح القريب والبشاي ر التي لا تنتهي حين يقوم ا هل الا يمان باالله ورسوله بالجهاد حق الجهاد في سبيله. [ 1 ]انظر: من بلاغة القرا ن ص 314. [ 2 ]انظر: ر وح البيان 2/236. [ 3 ]مفاتيح الغيب 10/145. [ 4 ]انظر: في ظلال القرا ن 1/223. [5] ا خرجه البخاري في صحيحه كتاب الجهاد باب لا تمنوا لقاء العدو (4/63) حديث رقم (3024) ومسلم في صحيحه كتاب الجهاد باب كراهة تمني لقاء العدو (3/1362) حديث (1742) من حديث عبداالله بن ا بي ا وفى - رضي االله عنه. [ 6 ]التحرير والتنوير 2/320. [ 7 ]جامع البيان 4/153. صفحة 7 / 5
[8] ا خرجه ا حمد 3/351 قال الهيثمي في المجمع 6/107: "رواه ا حمد ورجاله رجال الصحيح" وقال الا لباني في السلسلة الصحيحة 3/91: "ا سناده ورجاله ثقات على شرط مسلم". [ 9 ]انظر: الكشاف 2/223. [ 10 ]مفاتيح الغيب 5/307. [ 11 ]ا خرجه البخاري في كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع ا هل الحرب حديث (2731) 6/48. [ 12 ]تفسير القرا ن العظيم 1/532. [ 13 ]انظر: تيسير الكريم الرحمن 1/325. [ 14 ]الا عداد هو: (تهيي ة الشيء للمستقبل) ينظر: البحر المحيط 4/511. [ 15 ]التحرير والتنوير 10/55. صفحة 7 / 6
Powered by TCPDF (www.tcpdf.org) ا سس جهاد النبي عليه الصلاة والسلام في القرا ن الكريم [16] ا خرجه مسلم في صحيحه كتاب الا مارة باب فضل الرمي والحث عليه حديث رقم (1917) 3/1522 من حديث عقبة بن عامر - رضي االله عنه. [ 17 ]انظر: ا حكام القرا ن للجصاص 4/253. [ 18 ]تفسير الطبري - جامع البيان عن تا ويل ا ي القرا ن الجزء 11 الصفحة 567. [ 19 ]في ظلال القرا ن 3/1677. [ 20 ]انظر: التفسير الوسيط لسيد طنطاوي 6/232. [ 21 ]تيسير الكريم الرحمن ص (325-326). [ 22 ]تفسير القرا ن العظيم 1/227. صفحة 7 / 7